هل خطر على بالك أن تسأل نفسك من هو أكثر شخص متطفل في حياتك؟ هل سبق و أن تعرضت مرة لهجوم مباشر و تحقيق بسبع أسئلة خلال 60 ثانية؟ هل دخلت مكان و رحبوا فيك – بحرارة – فقط لتشابه الإسم الأخير؟
عزيزي القارئ، بعد بسم الله الرحمن الرحيم ،، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، الموقف هذا خالي من أي مبالغة، و أي موقف مذكور، كلمة، جملة، سؤال، في هذه المقالة، حصلت بالفعل، بدون أي نوع من أنواع المبالغات أو التجميل أو التعديل، أو التحريف.
حدثت أحداث هذه القصة يوم الخميس، 23-01-2025 ميلادي، 23-07-1446 هجري، مجمع الدوائر الحكومية، مدينة الكرك، المملكة الأردنية الهاشمية.
دخلت مع أحد أبناء عمومتي (معاذ ابراهيم حباشنة) إلى مجمع الدوائر الحكومية، لمراجعة دائرة الدخل و الضريبة، و دائرة أخرى، مع العلم أن لدي رخصيتين تجاريتين، أحدهما جديدة – نسبيًّا -، و الأخرى منذ 15 عاماً لا أعلم عنها إلا القليل، و كنت أعتقد أنه تم إغلاق ملفها، و اكتشفت أنه ما زال هنالك بعض الإجراءات الواجب القيام بها.
استغلالاً للوقت، تركت معاذ يكمل الإجراء في دائرة الضريبة و الدخل، و ذهبت إلى الدائرة الأخرى (بفتح الألف) المتواجدة في نفس المبنى و نفس الطابق، و عندما دخلت إلى أول مكتب يقابلني، كان هناك أحد المراجعين الخارجين منه، نظر إليّ و قال: ما عليك الزلمة هاظا غانم، هسه بخلّصلك موضوعك كلّه ما عليك.
ارتفعت أسهم التفاؤل لديّ في سرعة إنجاز المعاملة، و ارتفعت أكثر عندما قرأت الإسم الموجود على المكتب، محمد حباشنة، واو، يا إلهي، يبدو أننا نحمل نفس اسم العائلة 🤣
– نذكّركم بأن أي موقف، كلمة، جملة، سؤال، في هذه المقالة، حصلت بالفعل، بدون أي نوع من أنواع المبالغات أو التجميل أو التعديل، أو التحريف –
بدأت بتعريفه بنفسي، فقلت له: أسامة حباشنة، فقال لي: بن زيد، معروف طبعاً، حياك الله ولد العم.
واو، يا إلهي، يبدو أننا سوف ننبسط 🤣
و هنا بدأ بالسؤال:
- ويش جابك من الإمارات؟
– طيارة. - ويش كنت بتشتغل هناك؟
– أكثر من شغلة. - هو إنت ويش قاري؟
– نظم معلومات إدارية. - هاظا بكالوريوس ولا ماجستير؟
– مكمل ماجستير في نفس المجال. - صارلك زمان راجع؟ طيب تلاقيت مع نصّار؟ (نصّار حباشنة هو سفير الأردن في أبوظبي).
– صارلي حوالي سنة تقريباً، لا والله ما تلاقيت معاه. - يا خيّ أنا حذّيت إبن عمك دخل معاك ع المجمع، وين راح؟
– قاعد يخلّص إجراء في دائرة الدخل و الضريبة. - ويش عندك هان؟
– ياخي هدّي شوي، أنا بعرفك شي؟ نحن من وين قرايب إللي تكرّ كل هالأسئلة؟ المهم، عندي هذول الرخصتين، و محتاج أشوف حالتهم؟
و أتى الفرج، إتصل عليّ معاذ و قالي أسامة لو سمحت تيجي توقّع على الطلب عندنا عشان نخلص المعاملة، حرفياً: رحت ركض 🏃♂️🏃♂️
ما هذا! من سرعة الهجوم، استوعبت أنه بحياتي لم يسألني أحد كمية الأسئلة هذه في تلك السرعة، حتى و إن سألني أحد، فالجواب معروف لدى الجميع: “ما يخصّك”!
وصلت لدى معاذ في دائرة الدخل و الضريبة و وقّعت على الطلب المقدّم، و أخبرته: سوف أرتكب جريمة في أحد أفراد العشيرة، “تعال شوف حل مع عيال الحباشنة”، فما كان جواب معاذ إلا أن قال: منو؟ أخبرته بأن اسمه محمد حباشنة و لا أعرف من أي طرف هو قريبٌ لنا!
واو، يا إلهي، يبدو أننا سوف نضحك 🤣
عدنا إلى مكتب المحقق كونان، أقصد محمد حباشنة، و هنا تعرّف على معاذ حباشنة، و بدأ بتوجيه الأسئلة هذه المرة لمعاذ، كونه متواجد في الكرك و يعرفونه أكثر مني، الحمدلله.
- كيف حالك؟
– بخير الحمدلله. - يا خيّ متى رجعت من مصر؟
– صارلي فترة.- - هو إنت قريت في مصر ولا سوريا؟
– لا والله قريت في مصر. - هو العلام في مصر سهل؟
– والله حسب. - هو إنت قريت في جامعة حكومية ولا خاصة؟
– حكومية. - قريت هندسة، صح؟
– آه هندسة مدنية. - أسامة يتنفس نفس طويل 🤨
- وشّو قاعد بتشتغل هسّه؟
– والله في شركة. - شركة شو؟
– شركة خاصة. - شركة خاصة شو؟
– شركة مقاولات خاصة. - أسامة يتنفس نفس طويل جداً 🤨
- شو بتشتغلوا فيها؟
– بنمد شوارع. - وين؟
– في مْحَيّ. - وين هاظا الشارع؟
جنوب الكرك للعقبة. - و أبوك ويش بشتغل هاي الأيام؟
– والله تقاعد من البوتاس (صارله يمكن 20 سنة متقاعد). - آآآآآآآآآآه و إنت وحيد أهلك – يقصد من الشباب -؟
– آه والله. - و خواتك كيف حالهن؟
– والله الحمدلله. - كم وحدة هنّنّ كانَنّ؟
– معاذ بكل ثقة و بلادة بقوله: سبعة (طبعاً هم أقل، بس معاذ قال يطسه إياها على و عسى يسكت و يختصر). - أسامة يفقع ضحكة 🤣
- و الكبيرة بس تزوجت، صح؟
– صح. - طيب و بنات عبدالقادر ويش سوّن؟
– ويش ودهنّ يسوَّن يعني؟ - هو الكَبيرة تزوجت ابن عمكم الثاني؟
– آه. - و الثانية ويش سوّت؟ خلصت طب؟
– ما عندي فكرة. - أسامة يفقع ضحكة أقوى شوي 🤣
- طيب أي سنة صارت؟
– أسامة تدخل شوي عشان يهدّي التحقيق و قاله: لا تشغل بالك بس تتخرج بنعرف و بنبارك. - طيب هو كان عنده ولدين ثانيين؟
– ثوم، (مش توم، يعني خلص ريحتك طلعت إنت و تحقيقك). - بأي صف صاروا؟
– سابع هههههههههههههههههه (هذا و هم مخلصين توجيهي من سنة). - أسامة يفقع ضحكة أقوى شويتين🤣
- و محمود أنا انبسطت عليه راح الخدمات الطبية، وين ودوه أي مستشفى؟
– ما عندي فكرة. - يا زلمة أنا لما شفت صورته في اللبس العسكري ما عرفته!
– أسامة يتدخل مرة أخرى: والله حتى أنا ما عرفته. - يا زلمة عمّك عامر لَوِيه استقال؟
– والله ما شاورني 😃 - أسامة يفقع ضحكة تسمع الطابق كله 🤣
- يا زلمة نحن زعلنا عليه أكثر من الدكتور محمود.
– لا مش لهالدرجة. - مبلى والله، يعني الدكتور محمود للكرك، بس المهندس عامر للوطن كله، للأردن كله.
– شو نسوّي عاد هاظا يللي صار، الحمدلله.
أنا – أسامة – هنا خرجت عن السيطرة بتاتاً، و ضحكت! و القريبين يعلموا كيف أن ضحكتي تستطيع إسماع الطابق كاملاً، و قد حصل مرّة أخرى 😁😁
حاولت أن أعود لموضوعنا الأصلي، المعاملتين، فأخبرته: هل من الممكن أن تخبرنا ما الإجراء المطلوب عمله، فأجاب:
– هاظا ملفك كله قدامي، طبعتلك كل الأوراق إللي بتخصك، شيّكت على رقمك الوطني و طبعت كل شي.
و يعود أسامة بن زيد ليفقع ضحكته من أول و جديد، و يقول: إن شاء الله بس ما نكون مطلوبين للدولة بشي؟
ثم أكلمنا – ما تيسّر من المعاملة – و انصرفنا.
يا معشر القوم، عيب! استحوا شوي!
يروي الصحابيّ الجليل أبو هريرة – رضي الله عنه – في الحديث الحسن في صحيح الترمذي – عن الرسول – صلى الله عليه و سلم – أنه قال: من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنيهِ.
قد أستطيع تقدير أننا أقرباء، و أيضاً – بناء على رد أحد المعلقين على الموقف – قد أستطيع تقديم حسن الظن بأنه بغرض الإطمئنان على أبناء العشيرة و الأقرباء و حتى على فرضية صلة الرحم، “بس مش هيك ياخي”.
عندما أراجع تصرفاتي في هذه الأمور، أجد أن سؤال: كيف حالك؟ كافي.
إذا أراد الشخص أن يبلغك بشيءٍ آخر من طرفه، فهذا أمرٌ يعود للشخص صاحب العلاقة، و ليس لك أن تحشر نفسك فيه، فحشر الأنف في هذه الأمور، قد يؤدي إلى أن أحشر قدمي في مكان آخر.
تذكرت العديد من القصص، و لكن نستذكر قصة سريعة، بعد مكوثي في الأردن بفترة، بادَرت إحدى بنات عمومتي لسؤالي: أسامة إنت شو بتشتغل؟ فكان جوابي: لا أعمل، بادَرت مرة أخرى و سألت: طيب من وين بتصرف على حالك؟ فكان جوابي: “ما يخصّج”.
أتسكت؟ طبعاً لا، تتبع كلامها و تقول: لا بس (فلان – أحد أبناء عمومتي -) هو إللي كان يسأل و استحى يسألك بوجهك.
أيضاً قد يبدو أمراً طبيعيًّا السؤال، إلى أن تعرف بأن عمر ابنة عمي وقتها كان 14 عاماً، و ابن عمي 10 أعوام! ماذا تركتم لآباءكم ليسألوني؟
المهم، الصورة التالية ليس لها أي علاقة في المقال، و لكنني سعيدٌ بها! (تصوير: محمد عبدالحكيم حباشنة)، و تم التقاطها في مساء نفس اليوم.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
اترك تعليقاً